امارة الشثور للأفلاج ( ليلى )

 كانت نجد تعاني من القحط والفقر والجوع وانعدام الامن  وكثرت الغارات بين القبائل وتزامن مع الفتوحات الإسلامية وانتقال العاصمة الإسلامية من المدينة المنورة الى خارج الجزيرة العربية هذه الأسباب  شجعت على هجرة معظم قبائل العرب ومنها قبيلة بني عامر القيسية.

وبعد خروج معظم القبائل العامرية بقي قليل منهم في الافلاج وخربت ديار الهيصمية وخلت من السكان لانعدام الامن وتعطل الزراعه وطرق التجارة.

وبعد أن تهيأت الظروف أقام محمد بن شثر مدينة ليلى على انقاض الهيصمية واتخذها عاصمة له وسماها (ليلى محمد) وحصن مدينته بالقلاع والقصور. وتوالت الامارة في ذريته.

ثم توسعت المدينة واقاموا النقية بجانب ليلى. واقاموا بلدة اوسيلة شمال ليلى .

وبعد ان حكم الشثور مدينة ليلى وعمروها وأصلحوا فلاجها واجروا ماءها وأصبحت حاضرت الفلج في ذاك الزمان وممرا للتجارة بدأت القبائل بالقدوم والاستيطان حولهم وقريبا منهم.

النقية:

النقية هي بلدة خاصة بـ الشثور نقية لا يسكنها إلا هم، وكانت مدينة مزدهرة بالحضارة والتجارة، والعلماء، وكانت قوافلهم تصل إلى الأحساء والخليج شرقاً واليمن جنوباً ومكة والمدينة المنورة غرباً،

والنقية قامت على الجزء الغربي من مدينة الهيصمية العظيمة ، وقد بنيت هذه القرية في القرن الثامن الهجري أقامتها قبيلة الشثور المعروفة حصنا لهم وسكنا حيث حلت هذه القبيلة الأفلاج بعد تفرق بني كعب بن ربيعة واستمرت فيها إلى قدوم الدواسر، ولاتزال آثار النقية من جهة الشرق سامقة طويلة إلى اليوم، وللشثور قصور في قرية «أسيلة» ولكن قرية النقية أكثر شهر وأعظم تجارة ودليل ذلك أن رجلا من أهل الأفلاج يقال له: مرجان الضرغام قد ذهب إلى البصرة لطلب الرزق ولما قصد مكة أهل البصرة وجد هناك رجلا كبيرا فسأله عن بلدته فلما علم أنها الأفلاج قال : أنت من أهل الأفلاج وتذهب لطلب العيش في البصرة والله لو تعلمون يا أهل الأفلاج ما في قصور النقية من الكنوز والأموال لأغتكم عن بكرة أبيكم. فهذه القصة – إن صحت – دليل كاف على عظمة القوم وحضارتهم العميقة .

وقد ذكر الشيخ إبراهيم بن بشر أنه وجد نسخة من الكتاب عند ملك اليمن الإمام يحيى حمد الدين، وأن الملك عبدالعزيز – رحمه الله – أرسل مندوب ونسخ نسخة منه كما ذكر الشيخ محمد بن ناصر آل بشر، قال: كنا نذهب إلى النقية أيام الشباب وكنا نجد الأواني الفخارية والصينية المزخرفة من بقايا آثار النقية مرمية على مساحات واسعة من الأرض، قال: ونجد الزجاج بألوان مختلفة من الأبيض والأخضر والأزرق وغيره،

وحدود قرية النقية الحالية هي : من الشمال قصر الدهيمي والبشري وأم سدرة والعارة وارض آل فالح الجذالين. ومن الجنوب : خط السيح لمعبد، ومن الغرب نزهة والنبيطي وأم العضيد والغبشاني والزبني والكليبي والمحسنية وقليب ابن صافي. ومن الشرق أرض موات والمقبرة الشرقية، أما أم السمن فنصفها في النقية ونصفها خارجها .

وقد وصف الجرموزي امارة الشثور في كتابه تحفة الاسماع فقال:”

وصول أمير نصيف البديع إلى الإمام

نعم! وكان وصل إلى الإمام عليه السلام في شهر ربيع الآخر الشيخ الرئيس الكبير غنام بن رشود الجميلي من بلاد (البديع) وهو أمير نصفها -بضم الجيم بعدها میم ثم يا مثناه من تحت- بعد أن وصل إلى مولانا سيف الإسلام احمد بن الحسن – حفظه الله – ثم بعثه إلى الإمام عليه السلام وطلب من الإمام عليه السلام أن يبعث معه داعيا يدعو إليه، وأن يكون هو وأهل بلاده ممن يعتزي إليه، وعظمه الإمام كثيرا واعظم قدره، وخاض معه فيما طلب وبعث معه الفقيه الفاضل شمس الدين أحمد بن ناصر الحيمي، هو من أصحاب مولانا سيف الإسلام -أيده الله -.

ولما وصل إلى مولانا الصفي- ایده الله – زاد في إكرام هذا الشيخ واعطاه كثيرا من اجناس السلاح والخيل، وغيرهما، واخبرني من وجد هذا الشيخ في بعض طریق صنعاء عند منصرفه من الحضرة الإمامية – أدامها الله – أنه أمسى معه في قرية وعلان من أعمال سنحان، أنه رآه في جميع اوقاته لا يفتر لسانه عن الدعاء للإمام عليه السلام، والثناء عليه، وانه رای اصحابه يعظمونه بما لا يعرفه لمثله، وأنهم اشتووا كبشين لعشائه وتركوهما بين يديه، فأخذ يأكل منهما كالسبع السغب والذيب النهم، ولا يلتفت إليهم حتی رفع، واحتملوا ما بقي قال: وعرف أني من أصحاب الإمام عليه السلام،

فأشركني معه في طعامه وأدامه واختصني لاجل الإمام عليه السلام دون أصحابه.

وكتب الإمام عليه السلام مع الفقيه المذكور والشيخ المذكور ماهذه نسخته:

نعم. ومن أخبار الفقيه المذكور عن الجهات المذكورة وأهلها ما نقله القاضي العلامة شمس الدين أحمد بن صالح بن أبي الرجل – أطال الله بقاء – مكاتبة إلي ومن لفظه: وقد وصلكم المملوك بسؤال إلى الفقيه أحمد بن ناصر الحيمي عن أحوال سفره فهذه عجالة راكب كتبتها والرسول يتقاضاني العزم إلى بعض المحال المباركة إلا أني استبطأت الكتاب إليك، فحاصل ما أخبرني به أنه لما وصل الشيخ غنام بن رشود المسمى الجميلي وهو أمير

نصف البديع مستنصرا بجانب المولى – ایده الله – وولده الصفي- أيده الله – على من زعم المذكور أنهم بغوا عليه وهم مشايخ الشثور – بالشين المعجمة ثم المثلثة من بعد- وهم محمد بن معني العريزي وسيف بن محمد وهلال بن فراس بهؤلاء شيوخ الشثور الذين شكى منهم العدوان وليس الأمر كما وصف بل هؤلاء الثلاثة أسد حالا منه وأحسن استقامة ورام أن يجيبه المولى -أيده الله – على ما يقول فاحتاط بإرسال الفقيه هذا بدعوة لهم وافتقاد الأحوال وحقایقها والبحث عن الطرقات وأصحبه سيدي الصفي- أيده الله – كتبا إلى يام وبني هاجر والمخضبة والمعضة والدواسر والسهول ولام وآل عثمان من اليمامة المعروفين بالخرج ومشايخ آل حسين من اليمامة أيضا

والشيخ تركي وإخوته من اليمامة وأصحبه کتابأ أيضا إلى مشايخ الخديمات أهل الروضة فسار الفقيه بالكتب فما لقيه أحد من القبائل المدعوة وغير المدعوة إلا بالترحيب والتكريم والتعزيز والتحشيم والدعاء للإمام عليه السلام، قال: فلما وصل البديع بلد الشيخ غنام الذي وصل شاكيا – وهي بلدة كبيرة لها ثلاثة أسورة وفيها ثلاثة حصون وساكنها نحو ألف رجل وفيها نحو ألفي بير – فأقام عندهم وبلغهم الرسالة وطلب منهم البيعة فدخلوا فيها ثم أنه خطب ايضا للإمام وكاتبه وراسله مشايخ الشثور الذين شکاهم الشيخ غنام فدخل إليهم إلى بلدهم المسماة ليلى، ووجدهم أحسن الناس طريقة واستقامة وامتثالا للإمام ولولده الصفي- حماهما الله تعالى – وأجاب عما نسبه الشيخ غنام إليهم من العدوان بأنه لم يتعرض لعناده لأذية إلا لأنه أباح الحرمات واعتدى علي ضعفاء أهل الروضة بنهبهم وأراد أن الإمام يجيبه إلى النصرة فيقبح المذكورين كيفما أراد مع أنه رجل عادٍ ظالم لا يقف عند الشريعة فقال مشايخ الشثور: هذا الذي كلفنا لمعاداته الذين غر هؤلاء فإذا أراد منا الإمام الكف فالسمع والطاعة. لكن عليه حفظ هؤلاء فاستقر الفقيه عندهم أحسن استقرار على اکرام وإنصاف وتزوج عندهم وأظهروا الطاعة ثم توجه للحج ولم يتيسر له دخول اليمامة، لكن اتفق بالشيخ محمد صنو الشيخ رأس اليمامة في مكة فطلب الاتفاق به فوافق عند الكعبة وأظهر التشوق الكلي وقال: يا فقيه أحب الله يشهد علي أني وأخوتي وقبائلي أحوج الناس للإمام وهو يرينا وجهه (وبلغ الفقيه الدعوة إلى سائر القبائل كما ذكرناه وأمتثلوا والحمد لله رب العالمين).

ولما أزمع الإمام عليه السلام على المسير إلى صنعاء المحروسة بالله وصله من الفقيه المذكور ومن نواحي البصرة والإحساء والقطيف وما يتصل بها من جهات نجد البشرى العظيمة بموالاة أهل تلك الأطراف بحسن الولاء والإجابة والإشادة بذكر الإمام في تلك الأقطار والدخول في الطاعة والاستمرار، (وهو معنى ما ذكره القاضي أحمد – أيده الله- وحيث قد ذكرنا نفوذ هذه الدعوة النبوية والخلافة العلوية إلى البلاد المذكورة.

فلنذكر السبب الموصل إلى ذلك على سبيل الاختصار، ومن الله نستمد التوفيق والإعانة على التحقيق وذلك ماقد تقدم ذكره في سيرة مولانا المؤيد بالله، ومن كان يفد إليه من الإحساء والقطيف وجهاتهما، ومن البصرة وبواديها وما أبان لهم من السيرة النبوية والدعوة العلوية، وتابع إليهم السفراء، حتى أنه لم يبق موضع لم يعلم فيه بذكر الإمام عليه السلام، إما جملة وإما تفصيلا.